15‏/04‏/2012

مفهوم الإدارة المحلية وعلاقته بالمفاهيم المشابهة

المقدمــــة:
الإدارة المحلية أو اللامركزية الإدارية الإقليمية تعد أسلوباً من أساليب التنظيم الإداري التي تتبعها الدول عادة في أداء وظائفها لتقديم خدماتها للمواطنين، إذ بموجبها يناط بالإدارة المحلية ممارسة بعض وظائف السلطات المركزية بواسطة إشراك أجهزتها في أداء بعض الوظائف وتقديم الخدمات لمواطني الأقاليم المحلية.
لقد كان أداء الوظائف وتقديم الخدمات حكراً على السلطة الإدارية المركزية وحدها، غير أن التطورات الديمقراطية المتسارعة، وتشعب الاختصاصات، وتوسع الخدمات، وتزايد الأعباء الملقاة على كاهل السلطة المركزية، فرض عليها واقعاً جديداً تم بموجبه تنازل السلطة المركزية عن بعض اختصاصاتها، وألقت ببعض أعبائها على المجالس المحلية المنتخبة، على أساس إقليمي لتباشر ما يناط بها من اختصاصات تحت رقابة السلطة المركزية
وقد تعاظم في الوقت الحاضر دور الإدارة المحلية في إدارة شئون الوحدات الإدارية المحلية، فأصبح الأصل هو توزيع الوظيفة الإدارية وتقاسم أعبائها بين السلطة المركزية في العاصمة وبين الوحدات الإدارية المحلية في الأقاليم، وإشراك الأخيرة في أداء بعض الخدمات التي كانت تقدمها السلطة المركزية للأقاليم المحلية.
وهكذا تم تقاسم الوظيفة العامة وتقديم الخدمات بين السلطة التنفيذية وهيئات عامة مستقلة، وبذلك نهضت شخصيات اعتبارية إقليمية مستقلة إلى جانب السلطة المركزية لأداء بعض الوظائف وتقديم الخدمات التي كانت تقدمها السلطة المركزية على مستوى الإقليم المحلي، إلاَّ أن ذلك لم يسلب السلطة المركزية سلطاتها وحقها بل ظلت تمارس رقابتها على الهيئات المحلية في الأقاليم.
وهنا يتضح الفرق بين الإدارة المركزية التي تقوم على وحدة الشخص الاعتباري الذي ينهض بكافة أعباء الأداء ممثلاً في السلطة المركزية، وبين الإدارة المحلية التي تسمح بتعدد الأشخاص الاعتبارية العامة إلى جانب شخص السلطة المركزية
وتتجلى أهمية الأسلوب الإداري اللامركزي من خلال إشراك مواطني الأقاليم المحلية بإدارة أنفسهم بأنفسهم عن طريق مجالس محلية منتخبة من قبلهم، مما يسهل للمواطنين المحليين سرعة إنجاز معاملاتهم الإدارية التي كان يتطلب تدخل السلطة المركزية والتخفيف من المعاناة التي كان يعاني منها مواطني الأقاليم هذا من ناحية، وهو من ناحية أخرى يؤدي إلى التخفيف من أعباء السلطات الإدارية المركزية التي كانت ملقاة على كاهلها، فضلاً عن تنمية شعور المواطنين بأهميتهم عند إشراكهم في إدارة شئون إقليمهم، مما يعزز روح المواطنة وينمي الوعي الديمقراطي لديهم.
وبناء على ما تقدم فإننا في هذه الورقة سنعمل على تعريف مصطلح الإدارة المحلية وفقاً لما ورد في القانون اليمنيوتمييز هذا المصطلح عن غيره من المصطلحات المشابهة بشكل دقيق، نتيجة لما أثير من جدلٍ واسعٍ بين رجال الفقه حول تسمية الحكم المحلي والإدارة المحلية وغيرها من المصطلحات الأخرى ذات العلاقة، مما أدى إلى طرح التساؤل حول مدى الخلاف بين هذه المصطلحات، وهل هو خلاف في الجوهر. فتتعد الأنظمة بتعدد المصطلحات، أم أن الأمر كله لا يعدو مجرد اختلاف في التعبير، مع الترادف في المعنى، بات من اللازم وضع حد له والاتفاق على اصطلاح موحد لتجنب الخلط الذي وقع فيه العديد من الباحثين والمهتمين في استخدام هذه المصطلحات في غير موضعها، أو للدلالة على مضامين ومصطلحات أخرى وهو ما أتبعته العديد من التشريعات العربية والأجنبية وذلك على النحو الآتي:
أولاً: تعريف الإدارة المحلية
تباينت آراء الباحثين وفقهاء القانون العام حول تعريف الإدارة المحلية، ولم يتفقوا على تعريف موحد لها، فلكل منهم تعريف يُعبر عن رأيه ونظرته الخاصة وفقاً للنظام السياسي والاجتماعي الذي ينتمي إليه ويؤمن به.
وهذا الاختلاف والتباين حول تعريف الإدارة المحلية يرجع إلى اختلاف وتباين النظم السياسية والاجتماعية التي نشأ في ظلها النظام الإداري من جهة، وإلى اختلاف وتباين وجهات نظر المفكرين وفقهاء القانون حول العناصر المكونة لها، والأهمية النسبية التي يخضعها المشرع على أي عنصر من هذه العناصر من جهة أخرى
وسيتجلى ذلك الاختلاف والتباين من خلال استعراض تعريفات بعض الباحثين وفقهاء القانون للإدارة المحلية.
وقبل بيان تعريف الفقه العربي نبدأ بإيراد تعريف الفقه الأوروبي لها وسنكتفي بالفقه الإنجليزي والفقه الفرنسي كأنموذجين لذلك.
فقد ذهب الفقه الإنجليزي في التعبير عن مصطلح أو مفهوم الإدارة المحلية بمصطلح الحكم المحلي وعرفها بأنها:" حكومة محلية تتولاها هيئات محلية منتخبة، مكلفة بمهام إدارية وتنفيذية تتعلق بالسكان المقيمين في نطاق محلي محدد، ولها الحق في إصدار القرارات واللوائح المحلية"
وسيتجلى ذلك الاختلاف والتباين من خلال استعراض تعريفات بعض الباحثين وفقهاء القانون للإدارة المحلية.
وقبل بيان تعريف الفقه العربي نبدأ بإيراد تعريف الفقه الأوروبي لها وسنكتفي بالفقه الإنجليزي والفقه الفرنسي كأنموذجين لذلك.
فقد ذهب الفقه الإنجليزي في التعبير عن مصطلح أو مفهوم الإدارة المحلية بمصطلح الحكم المحلي وعرفها بأنها:" حكومة محلية تتولاها هيئات محلية منتخبة، مكلفة بمهام إدارية وتنفيذية تتعلق بالسكان المقيمين في نطاق محلي محدد، ولها الحق في إصدار القرارات واللوائح المحلية"
ومن خلال التعريف يتضح بأنه أشار إلى بعض الخصائص الأساسية التي يقوم عليها نظام الإدارة المحلية " وذلك من خلال تحديد طبيعة المسائل الإدارية والتنفيذية التي تضطلع بها الهيئات المحلية. كما أنه بين الوسائل القانونية التي من خلالها تمارس هذه الهيئات مهامها، وذلك بتخويلها سلطة إصدار القرارات واللوائح، كما أن التعريف أبرز عنصر الانتخاب باعتباره يمثل ضمانة من ضمانات استقلال هذه الهيئات، ومع ذلك يؤخذ على هذا التعريف أنه لم يشر إلى عنصر الرقابة والذي يعد أحد أركان الإدارة المحلية.
كما أستخدم الفقه الفرنسي مصطلح اللامركزية المحلية للتعبير عن الإدارة المحلية وعرفها بأنها:" هيئات محلية تمارس اختصاصات إدارية وتتمتع باستقلال ذاتي". واستخدم الفقه الفرنسي أيضاً مصطلح اللامركزية الإقليمية مستقلة عن اللامركزية المرفقية للتعبير عن الإدارة المحلية، إذ عرفها بقوله:" أنها هيئات محلية لا مركزية، تمارس اختصاصات إدارية، وتتمتع باستقلال ذاتي"
وهذا التعريف جاء مقتضباً ومقصوراً على اللامركزية الإقليمية دون المرفقية، إلاَّ أنه وضح طبيعة الاختصاصات التي تمارسها هذه الهيئات، كما أشار إلى ركن الاستقلال.
وإذا ما أجرينا مقارنة موجزة لتطبيقات التشريع الانجليزي والتشريع الفرنسي واللذان يمثلان قطبان رئيسيان لهذا النظام في أوربا لوجدنا بأن الموضوع كله لا يعدو كونه خلافاً في التسمية، دون أن تصل إلى مرحلة القول بأن النظام المحلي الإنجليزي هو درجة من درجات اللامركزية السياسية، حيث أن النظام الانجليزي لا يعرف نوعاً واحداً من الوحدات الإدارية المحلية، لا من حيث الشكل ولا من حيث التنظيم، وأهم هذه الوحدات: المحافظات، المدن التي في مرتبة المحافظات، المراكز الحضرية، المراكز الريفية، المدن المتوسطة، والمدن الصغيرة.
أما في فرنسا فتتميز الوحدات الإدارية المحلية بوحدة النمط، حيث تتماثل هذه الوحدات في مستويين هما المحافظات والبلديات. وهذا الفرق بين التنظيمين، يفسر بأن النظام الفرنسي في هذا المجال هو أبسط وأقل تعقيداً من النظام الانجليزي، ولكن مجالس المحافظات والمدن والقرى والمراكز في انجلترا ليست ولايات أو مقاطعات سياسية. فانجلترا دولة بسيطة، ومجالسها المحلية لم تصل لا دستورياً ولا عرفياً إلى المستوى الذي وصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية في ممارستها للوظائف السياسية أو القضائية أو الإدارية.
أما في الوطن العربي فقد اختلف الكثير من الفقهاء والشُرّاح والباحثين العرب حول تحديد مفهوم الإدارة المحلية، حيث عرَّف بعض الفقهاء الإدارة المحلية بأنها: " توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين هيئات محلية أو مصلحيه مستقلة، بحيث تمارس هذه الهيئات وظيفتها الإدارية تحت إشراف ورقابة الحكومة المركزية"وتجدر الإشارة إلى أن هذا التعريف الذي حدد بتعبير منظم ودقيق معظم عناصر الإدارة اللامركزية، قد أهمل عنصر الانتخاب.
ومن الباحثين من عرف الإدارة المحلية بأنها " أسلوب من أساليب العمل الإداري الذي ينصب على توزيع اختصاصات الوظيفة بين السلطة المركزية وبين هيئات أو مجالس منتخبة أو مستقلة عن السلطة المركزية، ولكنها تباشر اختصاصاتها في هذا الشأن تحت إشراف ورقابة الدولة المتمثلة بسلطتها المركزية"
ويعد هذا التعريف أكثر دقة للإدارة المحلية، حيث بين أهم الشروط التي يقوم عليها نظام الإدارة المحلية، إذ جاء مؤكداً على توزيع الاختصاصات بين الهيئات المركزية والهيئات المحلية المنتخبة، وهذا ما ذهب إليه الغالبية من الشُرَّاح، وأكد على انتخاب الهيئات المحلية لضمان الاستقلالية عن السلطة المركزية، بعكس بعض الشُرَّاح الذين استبعدوا ضرورة انتخاب الهيئات المحلية، مكتفين في تعريفهم بذكر الاستقلال الذي يعد النتيجة المنطقية للشخصية الاعتبارية أو المعنوية كما يسميها البعض.
وهناك بعض الكتاب والباحثين جسدوا مفهوم الإدارة المحلية من خلال تعريفاتهم لها، إذ عرفها بعضهم بأنها " أسلوب من أساليب التنظيم الإداري للدولة يقوم على فكرة توزيع السلطات والواجبات بين الأجهزة المركزية والمجالس المحلية، لغرض أن تتفرغ الأولى لرسم السياسة العامة للدولة إضافة إلى إدارة المرافق العامة في البلاد وأن تتمكن الأجهزة المحلية من تسيير مرافقها بكفاءة وتحقيق أغراضها المشروعة"
ويلاحظ أنَّ هذا التعريف استهدف التحديد وتجنب الخلط بين الإدارة المحلية كمصطلح ونظام إداري، وبين ما يتشابه معه من مصطلحات وأنظمة إدارية أخرى، كما أنه ركز اهتمامه على غرض توزيع الاختصاصات والواجبات بين الأجهزة المركزية والإدارة المحلية، إلاَّ أنه أغفل طبيعة الوحدة الإدارية ونطاق اختصاصاتها.
وعرف البعض الأخر الإدارة المحلية " بأنها هيئات إقليمية أناط بها المشرع القيام بوظائف إدارية محددة تمارسها في النطاق الجغرافي المرسوم لها، مستقلة عن السلطة التنفيذية، وتحت رقابة السلطة المركزية"ويتضح من هذا التعريف أنه أعطى معنى أكثر وضوحاً للإدارة المحلية، وأبرز بعض عناصرها مثل توزيع الوظائف الإدارية، والأخذ في الاعتبار عند توزيعها بالاتجاه القائل بأسلوب التحديد الحصري لتلك الوظائف، كما تضمن الاعتراف باستقلال الإدارة المحلية في إدارة شؤونها تحت رقابة السلطة المركزية.
ومن خلال التعريفات الفقهية السابقة للإدارة المحلية، نجد أنها في جوهرها متقاربة إلى حد كبير، وإن تباينت في الألفاظ وفي بعض الجزئيات، وهذا يرجع إلى أن بعض الفقهاء عند وضعه تعريفاً للإدارة المحلية قد أخذ بالمفهوم الواسع لها، والبعض الآخر أخذ بالمفهوم الضيق. نظراً لاختلاف النظام السياسي والاقتصادي الذي تعتنقه كل دولة عن الأخرى.
وبدورنا نعرف الإدارة المحلية بأنها تعني " توزيع أعباء الوظيفة الإدارية للدولة بناءً على قانون بين الأجهزة التنفيذية المركزية وبين المجالس المحلية المنتخبة على مستوى الوحدات الإدارية المتمتعة بالشخصية الاعتبارية، وتمارس اختصاصاتها ومهامها وفقاً لمواردها المالية عن طريق المجالس المحلية وتحت إشراف ورقابة السلطة المركزية".
ونعتقد أن هذا التعريف يبرز الأسس والمقومات التي تنهض عليها السلطة المحلية، من حيث إناطة بعض الاختصاصات والمهام الإدارية للمجالس المحلية ذات الشخصية الاعتبارية المتمتعة بالاستقلال المالي والإداري في حدود القانون والتي تباشر مهامها واختصاصاتها بما يتفق وإمكانياتها المالية المحلية تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية.
ثانياً: تمييز مصطلح الإدارة المحلية عن غيره من المصطلحات المشابهة
تبين من خلال تعريف الإدارة المحلية عدم اتفاق فقهاء القانون والباحثين على معنى موحد لنظام الإدارة المحلية، وقد يعود ذلك لاختلاف تطبيقاتها من دولة إلى أخرى، إلاَّ أن تلك التعاريف لم تختلف على أسس الإدارة المحلية ومن خلال هذه التعاريف سوف نميز مصطلح الإدارة المحلية عن غيره من المصطلحات الإدارية المشابهة والمتمثلة في عدم التركيز الإداري، اللامركزية الإدارية المرفقية أو المصلحية، اللامركزية السياسية، الحكم الذاتي، الحكم المحلي وذلك على النحو الآتي:
1- عدم التركيز الإداري.
عرف الفقهاء عدم التركيز الإداري بأنه: " عملية نقل بعض الصلاحيات والاختصاصات من المركز إلى فروع الوزارات في الأقاليم المختلفة". كما أن عدم التركيز الإداري أو المركزية الإدارية ألا وزارية أو المركزية المعتدلة، تعتبر شكلاً مخففاً من أشكال المركزية، وهي صورة من صور المركزية الإدارية، تقوم على إعطاء الهيئات المركزية إمكانية تفويض اختصاصاتها إلى ممثليها في الأقاليم، وبهذا تخفف الأعباء عن الحكومة المركزية بتخويل بعض الموظفين في الأقاليم المختلفة سلطة البت في بعض الأمور ذات الطابع المحلي دون الحاجة للرجوع للوزير المختص في العاصمة.
إلا أن هذه الصورة من المركزية لا تعني استقلال هؤلاء الموظفين عن الوزير، فهم يبقون خاضعين لسلطته الرئاسية وله أن يصدر إليهم القرارات الملزمة وله أن يعدل قراراتهم أو يلغيها، وكل ما في الأمر أن عدم التركيز الإداري يخفف من العبء على الوزارات والإدارات المركزية وأن بعض القرارات الإدارية أصبحت تتخذ من ممثلي الوزراء في الأقاليم بدلا من أن تتخذ من الوزراء أنفسهم.
ومن ثم يختلف عدم التركيز الإداري عن الإدارة المحلية إذ تتعدد السلطات الإدارية في الإدارة المحلية إذ يقوم على أساس نقل السلطات والاختصاصات الإدارية المركزية وفقاً للقانون إلى هيئات محلية منتخبة ممثلة بالمجالس المحلية المنتخبة. بمعنى أن الهيئات المحلية تمارس تلك السلطات والاختصاصات أصالة بقوة القانون وليس نيابة عن السلطات المركزية، وباستقلالية عنها في الحدود التي ينص عليها القانون.
وعلى أي حال فإن هذه الصورة من المركزية أفضل من التركيز الإداري وهي مرحلة انتقال صوب نظام الإدارة المحلية، وهي الصورة الباقية في إطار نظام المركزية الإدارية.
ومما تقدم يتضح أن هناك تشابه بين عدم التركيز الإداري والإدارة المحلية من خلال أنهما أسلوبان من أساليب التنظيم الإداري للدولة، ولكن الفارق بينهما كبير. فالإدارة المحلية نقل سلطة أو صلاحيات إدارية مركزية وفقاً للقانون إلى هيئات محلية منتخبة في نظام اللامركزية الإدارية. أما عدم التركيز فهو أحد أسلوبين في نظام المركزية الإدارية للدولة، بمعنى أخر إن عدم التركيز يقوم أساساً على تفويضالاختصاصات من قبل رئيس إداري إلى أحد مرؤوسيه للقيام بمهام نيابة عنه أو من يمثله في إطار موضوعي مكاني أو مصلحي أو إقليمي.
كما أن عدم التركيز الإداري يمكن أن يكون أسلوباً إدارياً في ظل اللامركزية الإقليمية إذا كانت المحافظات تتمتع بالإدارة المحلية دون الوحدات الإدارية الأقل مستوى إدارياً، وسوف يكون لعدم التركيز مكانه بين المحافظات والوحدات الإدارية الأقل مستوى والخاضعة لها، ومن خلاله يمنح رؤساؤها بعض صلاحيات المحافظين من خلال التفويض وفقاً للقانون أما إذا كانت كل الوحدات الإدارية بمختلف مستوياتها قد توفرت فيها أسس ومقومات الإدارة المحلية فلا هناك أي مجال لأسلوب عدم التركيز في ما بين تلك المستويات الإدارية الإقليمية. بحكم أن التفويض هو عبارة عن استثناء يرد على الأصل ولا يمكن للمفوض أن يفوض غيرهوللتفويض قواعده ولاسيما توفر إمكانية سحبه بقرار إداري أو إلغائه أو تقييده، لكن توزيع الصلاحيات الإدارية في نظام الإدارة المحلية لا يمكن إلا بقانون وهذه هي أهم الفوارق بين الإدارة المحلية وعدم التركيز.
2- اللامركزية الإدارية المرفقية أو المصلحية.
تتشابه الإدارة المحلية أو اللامركزية الإدارية الإقليمية مع اللامركزية الإدارية المرفقية أو المصلحية في أنهما صورتان لنظام اللامركزية الإدارية، حيث يتم توزيع الوظائف الإدارية بين السلطة المركزية في العاصمة وبين هيئات محلية أو مصلحية تمارس صلاحيات واختصاصات باستقلال عن السلطة المركزية اللهم إلا الخضوع لقدر من الرقابة الإدارية يتيحه المشرع للسلطة المركزية على هذه الهيئات المحلية والمصلحية.
ومع ذلك فإذا كان النظامان السابقان يعتبر كل منهما مظهراً لمشكلة واحدة تتصل بتوزيع الوظيفة الإدارية بن هيئات مستقلة، إلا أنه لا يجوز الجمع بين الاصطلاحين كمترادفين، حيث يمكن أن تقوم اللامركزية الإدارية المصلحية في وحدات شاسعة لا تتوافر لسكان كل منها عناصر التجانس ووحدة الانتماء، في حين أنه يشترط لقيام اللامركزية الإدارية الإقليمية أو الإدارة المحلية أن تضم كل وحدة من وحداتها الأساسية مجتمعاً متجانساً يجمع بين أفراده وحدة المصالح ووحدة الإنتماء، كما أن الانتخاب لا يعتبر شرطاً لقيام اللامركزية الإدارية المرفقية أو المصلحية بينما يعد شرطاً أساسياً في الإدارة المحلية بالإضافة إلى أنه يمكن التمييز بينهما على أساس أن الإدارة المحلية يظهر فيها الاعتماد على عنصر المكان بصفة رئيسية بينما يكون عنصر الغرض هو أساس قيام اللامركزية الإدارية المرفقية أو المصلحية، فإذا كانت اللامركزية الإدارية وفقاً للنطاق الجغرافي تتصف دائماً بالمحلية وهذه هي الصورة الأولى (الإدارة المحلية)، فإنها وفقاً للغرض من إنشائها تتصف دائماً بالتخصص الفني الذي لا يحجبه مدى اختصاصها الإقليمي وهذه هي الصورة الثانية لها (اللامركزية الإدارية المرفقية أو المصلحية)يضاف إلى ما تقدم أن الأشخاص المحلية تنشأ بتأثير عوامل سياسية أهمها انتشار الأفكار الديمقراطية ومبادئ الحرية السياسية التي تنادي بوجوب منح الجماعات حق حكم نفسها بنفسها، في حين الأشخاص المرفقية أو المصلحية تنشأ لأسباب وعوامل فنية هي الرغبة في إدارة المرافق العامة بطريقة فنية سليمة تكفل تحقيق أوفر إنتاج ممكن بأقل تكاليف ممكنة، ولذلك فإن الأشخاص المحلية تتمتع بحقوق وحريات أوسع مدى من التي تتمتع بها الأشخاص المرفقية، فيلاحظ مثلاً أن أعضاء المجالس أو معظمهم يختارون بطريق الانتخاب بواسطة سكان الإقليم أو المدينة بأنفسهم بينما يختار أعضاء الهيئات المرفقية – كقاعدة عامة – بطريق التعيين بواسطة السلطة المركزية، كما أن الوصاية الإدارية التي تمارسها السلطة المركزية أشد وأقوى على الأشخاص المرفقية من التي تمارسها على الأشخاص المحلية
3- اللامركزية السياسية.
للتفرقة بين نظام الإدارة المحلية واللامركزية السياسية أهمية كبرى للاختلاف الواضح فيما بينهما.
فاللامركزية بصفة عامة تعتبر أسلوب من أساليب التنظيم الإداري في الدولة يقوم على أساس توزيع السلطات والاختصاصات بين السلطة المركزية وهيئات أخرى مستقلة عنها قانوناً، واللامركزية على هذا الأساس قد تكون لامركزية إدارية أو لامركزية سياسية ولما كنا قد تحدثنا عن اللامركزية الإدارية فإن الأمر يقتضي منا إبراز أهم جوانب اللامركزية السياسية.
فاللامركزية السياسية: عبارة عن مجموعة من الدويلات تضمها دولة اتحادية، وتتوزع فيها جميع مظاهر السيادة بين الدولة الاتحادية والدويلات، ومع ذلك لا توجد إلا شخصية دولية واحدة، هي شخصية الدولة الاتحادية، بحيث يكون لكل دويلة دستورها وسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويكون للدولة الاتحادية أيضاً دستورها وحكومتها التي تمارس سلطاتها على أقاليم الدويلات المتحدة، وفي مواجهة جميع رعاياها في الولايات
ولما كانت الدول تنقسم من حيث التكوين إلى دول بسيطة ودول مركبة، فإن الدول البسيطة تقوم على أساس وحدة الشعب والإقليم والسلطة السياسية، وتكون خاضعة لسلطة واحدة في مجالات التشريع والتنفيذ والقضاء بغض النظر عن التنظيم الإداري الذي تعتنقه، أي سواء أكان المركزية الإدارية أم اللامركزية الإدارية، فلا يتأثر التكوين السياسي للدولة بالتنظيم الإداري أياً كان نوعه
أما الدولة المركبة، والتي تتمثل في دول الاتحاد المركزي، فهي تتكون من عدة دويلات أو ولايات مثل الولايات المتحدة وسويسرا وتتوزع فيها مظاهر السيادة – على عكس الدول البسيطة- بين الحكومة الاتحادية وبين الولايات الأعضاء في الاتحاد، ومن ثم فإن هناك سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية للدولة الاتحادية كلها، وسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية لكل ولاية من ولايات الدولة الاتحادية، ويطلق على هذا النظام الاتحادي نظام اللامركزية السياسية
ومن الأهمية بمكان تحديد المعيار القانوني للتفريق بين طبيعة النظامين أو كما يسميها البعض الأسلوبين، فالإدارة المحلية ليست شرطاً تفرضه الوحدات الإدارية أو هيئاتها المحلية أو سكانها على السلطة المركزية في نطاق الدولة البسيطة، بل هي منحة من البرلمان منظمة بقانون وتسهم الهيئات المركزية في إعداده وفقاً لقواعد دستورية عامة تتوافق وسياسة الدولة الداخلية.
أما نظام اللامركزية السياسية فإنه يعد شرطاً يفرضه نوع الاتحاد وطبيعته، وينعكس على دستور الدولة الاتحادية في نصوص أكثر تفصيلاً لتوزيع الوظائف على مستوى الشئون الداخلية أو الخارجية بين الحكومة الاتحادية وحكومات الدول أو الولايات أو الإمارات الداخلة في الاتحاد.
ولذلك فإن الإدارة المحلية تعني بالتحديد توزيع قانوني للوظيفة الإدارية بين الهيئات المركزية والهيئات المحلية في الدولة البسيطة، وهي كذلك في نطاق الدولة المركبة، حيث تنظم العلاقات الإدارية بين الحكومات الداخلة في الاتحاد ووحداتها الإدارية التي تتكون منها، مثل المحافظات، المقاطعات، الأقاليم أو الكونتونات.
4- الحكم الذاتي.
تباينت الآراء حول التفرقة بين الإدارة المحلية والحكم الذاتي الذي يعد نموذجاً من نماذج اللامركزية الإقليمية فهو يقوم على الأسس نفسها التي يقوم عليها نظام الإدارة المحلية
إذ يرى بعض الشُرَّاح أن الحكم الذاتي من النظم اللامركزية التي لا يمكن أن ترتقي إلى اللامركزية السياسية في الدولة المركبة، ولا تهبط إلى اللامركزية الإدارية، فهو صيغة من صيغ الحكم والإدارة، ويحتل مكانة وسطى بين نظامي اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول البسيطة قد تمنح إقليماً من أقاليمها - فضلاً عن الاستقلال الإداري- اختصاصاً تشريعياً، وحينئذ يجوز إطلاق اصطلاح الحكم المحلي أو الحكم الذاتي على هذا النظام، لأن الدولة وإن كانت بسيطة إلاًّ أنها تنتهي إلى نوع من اللامركزية السياسية بالنسبة إلى بعض الأقاليم لا جميعها
وأبرز مثال على ذلك في الوطن العربي السودان والعراق، فالسودان خص إقليم الجنوب فضلاً عن الاستقلال الإداري بمجلس تشريعي، وذلك بمقتضى قانون الحكم الذاتي الصادر في 1972م، كما نشأ في العراق وضع شبيه بالوضع في السودان وذلك بمقتضى قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان الصادر في سنة 1974م.
وإذا كان من الجائز إطلاق تعبير (حكم ذاتي) على النظامين السابقين لدخول العنصر التشريعي في نطاق الاختصاص المحلي، فإن ذلك لا يعني أن كلاً من الدولتين المذكورتين قد تحولتا من دولتين بسيطتين إلى دولتين مركبتين تعتنقان نظام الاتحاد الفدرالي أو المركزي، إذ إن كلا القانونين المذكورين قد حرصا على التأكيد على وحدة الدولة السياسية، وعلى وحدة الأرض والشعب.
كما أن الحكومة المركزية تظل هي صاحبة الاختصاص الأصيل في جميع المجالات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والاختصاصات الممنوحة لإقليمي الحكم الذاتي أقرب إلى الاختصاصات المحلية في المجال الإداري، وإن كانت تتجاوزها إلى أكثر من ذلك
إلى جانب ذلك فإن الكثير من الدول جمعت بين الإدارة المحلية والحكم الذاتي وأكثرها نجاحاً إيطاليا الموزعة على تسعة عشر إقليماً منها أقاليم عدة متمتعة بالحكم الذاتي لخصوصيتها أو لظروف خاصة كما هو كائن في العراق والسودان.
5- الحكم المحلي.
تباينت الآراء حول أسس التفرقة بين الإدارة المحلية وبين الحكم المحلي والتي تستند إلى بعض الاعتبارات التاريخية، وقد استخدم البعض اصطلاح الحكم المحلي، ويقابلون بينه وبين اصطلاح الإدارة المحلية.
واستخدم البعض مصطلح الحكم المحلي لمجرد الإيهام بضخامة الاختصاصات التي تمنحها السلطة المركزية للأجهزة المحلية، والتي تديرها ذاتياً وباستقلالية.
واصطلاح الحكم المحلي في واقع الأمر نشأ في بريطانيا، في ظروف تاريخية خاصة جعلت للهيئات الإقليمية اختصاصات أقوى من الاختصاصات التي تتمتع بها الهيئات الإقليمية في فرنسا
وقد كان البعض من الشُرَّاح والباحثين يفرقون بين الإدارة المحلية والحكم المحلي على أساس الفروقات بين الحكم المحلي في بريطانيا والإدارة المحلية في فرنسا
إلاَّ أن تلك الآراء لم تكن علمية للتفريق على أساس الصلاحيات سواء أكانت اختصاصات محددة وتمارسها الهيئات المحلية في بريطانيا أم اختصاصات عامة تمارسها الهيئات المحلية في فرنسا، ومن ثم تم التخلي عن تلك الآراء وظهرت بعض الاتجاهات الفقهية للتفريق بين الإدارة المحلية والحكم المحلي على أساس أن الحكم المحلي هو نتيجة للامركزية السياسية ولا يطبق إلاّ في إطار الدولة المركبة، وهو عبارة عن جملة الصلاحيات التي تتمتع بها الدول أو الإمارات أو الولايات أو الكونتونات الداخلة في الاتحاد الفيدرالي والمنقولة لها من الحكومة الاتحادية
والمعروف أن اللامركزية السياسية تعد شرطاً من شروط قيام الاتحاد الفيدرالي وليست منحة من البرلمان المركزي، وإنما تنازل من الدول أو الولايات المتحدة عن بعض وظائفها السياسية للحكومة الاتحادية مع احتفاظها بالبعض الآخر منها، فماذا يمكن أن نسمي ذلك؟ هل يمكن تسميته حكماً محلياً؟ للإجابة على هذا التساؤل يرى بعض الفقهاء أن الحكم المحلي في الدول البسيطة يتحقق عندما يتم نقل بعض صلاحيات التشريع إلى المجالس المحلية، والتي من خلالها يمكنها إصدار قرارات تشريعية تسهم في صنع السياسات المحلية، ولذلك يرى أصحاب هذا الرأي أن الإدارة المحلية تنحصر في نطاق الوظيفة الإدارية
وفي تقديرنا أن أهم نقطة يدور حولها الخلاف في هذا المجال هي السلطات السياسية للهيئات المحلية في الدولة البسيطة، والتي يربطها الكثير من الشُرَّاح بمنح تلك الهيئات إمكانية إصدار قرارات تشريعية لها قوة القانون في نطاقها الإقليمي. ومن الأهمية بمكان أن نعلم أن اللامركزية السياسية هي تقاسم الوظيفة السياسية بين الحكومة الاتحادية والحكومات المتحدة، وتنحصر غالباً في الشئون الداخلية وتتضمنها قواعد دستورية على سبيل الحصر بحيث لا تستطيع الحكومة الاتحادية أن تعدلها أو تلغيها بإراداتها المنفردة. ومع أن الوظيفة السياسية من أعمال السيادة، إلاَّ أنه من الصعوبة بمكان فصل الوظيفة الإدارية (الإدارة المحلية) عن الوظيفة السياسية (الحكم المحلي) وفقاً لما ذهب إليه بعض الشُرَّاح على النحو الذي تحدثنا عنه سلفاً.
وبناءً على ما تقدم لا نجد هناك أي مبرر للتفرقة بين الإدارة المحلية والحكم المحلي بحكم أن دراستهما تدخل في مجالات القانون الإداري، وللتفرقة بين الوظيفة السياسية والوظيفة الإدارية نجد أن الوظيفة السياسية تدخل في أعمال السيادة، وبذلك لا تخضع للرقابة القضائية لما تكتسبه من أهمية بالغة في شئون الحكم، حيث تظل من اختصاصات الهيئات المركزية في الدولة.
على عكس ما ذهب إليه بعض الشُرَّاح الذين يربطون اللامركزية السياسية فقط بإمكانية التشريع على المستوى المحلي، أو الذين يحصرونها في الدول المركبة، مع أن الحالة الأولى نجدها في الدول البسيطة وفي ظل نظام الإدارة المحلية، ففي العراق والسودان وإيطاليا مثلاً تتمتع الهيئات المحلية بحق إصدار قرارات تشريعية في مناطق الحكم الذاتي فيها وفي ظل الوحدة الوطنية والسياسية للدولة، ولذلك فإن الحكم المحلي يعبر عن الإدارة المحلية ويمكن الأخذ به في الدولة المركبة والدولة البسيطة على حد سواء، ويعتمد ذلك على مدى الصلاحيات والمرونة في الاستقلالية التي يمنحها التشريع وفقاً للقناعة السياسية للهيئات المركزية، وهذه هي نقطة التباين في التطبيق بالرغم من الوحدة الموضوعية للنظامين.
كما أن اختلاف التسمية بين الإدارة المحلية والحكم المحلي لا تعكس معطيات موضوعية عن طبيعة كل منهماأو طرق وأساليب تشكيل المجالس المحلية واختصاصاتها، بالإضافة إلى أن تلك التسمية لا تعكس أي معطيات تحدد نوعاً معيناً للعلاقة بين الهيئات المركزية والهيئات المحلية، ولا نجد فيهما ما يشير إلى صلاحية إحداهما لنظام حكم معين، أو لدولة بسيطة أو مركبة، متطورة أو نامية دون الأخرى، بينما الفيصل لكل هذه الأمور هو التشريع المنشئ لهذا النظام ومدى توافر المقومات الأساسية للأخذ به من بلد إلى آخر وطبيعة النظام السياسي القائم.
ومن ناحية أخرى فإنه لا يمكن اعتبار الحكم المحلي مرحلة متطورة للامركزية الإقليمية، فكلا الاصطلاحين يعبران عن أسلوب واحد، غير أن تسمية الحكم المحلي هو أكثر عراقة وانتشاراً للدلالة على اللامركزية الإقليمية أو الإدارة المحلية، والنظام المحلي الإنجليزي هو أول من عرف هذا المصطلح. وهو السبَّاق في الأخذ به وتطبيقه من بين النظم المحلية العالمية.
ونصل في نهاية هذه الورقة إلى القول مع غالبية الفقه، إن تسمية الإدارة المحلية أو "الحكم المحلي" في مجال اللامركزية الإدارية هي اختلاف في التعابير والاصطلاحات، وليس العبرة في تسمية قانون التنظيم الإداري بقانون الإدارة المحلية أو قانون الحكم المحلي وإنما العبرة بطبيعة الاختصاصات التي يتضمنها القانون، وتوزيعها بين الحكومة المركزية والهيئات المحلية، ومدى حجم وطبيعة سلطة المحافظ باعتباره ممثل السلطة المركزية من جهة ورئيس الإدارات المحلية في بعض النظم الإدارية – ومنها اليمن - من جهة أخرى.
كما أن النصوص القانونية لاشك في أهميتها، ولكن يجب تحليلها وبيان الاختصاصات الأصلية، وأهم من ذلك ما جرى العمل عليه من احترام للاختصاصات الموزعة طبقاً للدستور أو القانون، فإذا كانت النصوص القانونية ترجح كفة اللامركزية الإدارية في التنظيم الإداري، فإن السلطة التنفيذية "الحكومة المركزية" تملك وسائل وأساليب وأجهزة تفرغ هذه النصوص من مضمونها الديمقراطي، وبما أن تسمية الحكم المحلي قد تثير التباساً مع نظام اللامركزية السياسية، لذا بات من الأفضل اعتماد تسمية "الإدارة المحلية" كاصطلاح علمي وعملي للتعبير عن اللامركزية الإدارية الإقليمية والاستغناء عن استعمال تعبير "الحكم المحلي" أو أية تسمية أخرى قد تتعارض مع المفاهيم القانونية والإدارية التي أوضحنا ها.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000م المعدل قد سمى الوزارة التي تشرف على الهيئات المحلية بوزارة الإدارة المحلية ونعتقد أن هذه التسمية هي الأدق في نظرنا أما الحكم المحلي فهو الاصطلاح العام الشائع خطأ لذات أسلوب الإدارة المحلية نظراً لعراقة استخدامه في أقدم النظم الإدارية في بريطانيا مع أن التسمية في النظام الإنجليزي تعود إلى اعتبارات تاريخية محضة.